منتديات دانيال
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أخطر آليات تحقيق الأماني الراندية 1-2

اذهب الى الأسفل

أخطر آليات تحقيق الأماني الراندية 1-2 Empty أخطر آليات تحقيق الأماني الراندية 1-2

مُساهمة من طرف Ghassan الثلاثاء أغسطس 21, 2007 4:54 pm

أخطر آليات تحقيق الأماني الراندية
(محاولة استشرافية حاذرة)



د. سعد بن مطر العتيبي


(1/2)

مما لا ينبغي الاختلاف فيه أن من واجبنا الإسلامي الوطني أن نعرف ما يُراد لنا ، وما يقال عنَّا ، وما يُفترى علينا ، لنشكر المنصِف ونُفنِّد افتراء المفتري ، بيانا للحق وزيادة توضيح له ، ونأخذ الحذر قبل وقوع الخطر امتثالا لقول الباري جل وعلا ( يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم ) .

وقبل الدخول في هذه المحاولة الاستشرافية الحاذرة أُنبِّه إلى مقولة لتشالز يوست ( Charles yost) جاء فيه : " الدرس الذي تعلمناه من حرب فيتنام : أن مقدرة الدول الكبرى على التدخل في الدول الأخرى بشكل فعّال قد تناقص وتضاءل في الزمان والمكان والتاريخ .ويمكن أن يتم تدخل دولة كبرى في حرب مع دولة أخرى عن طريق دولة حليفها لها ، وحتى إن فعلت ذلك ستكتشف لاحقاً أن ثمن التدخل يزيد كثيراً عن الفائدة المتوخاة ..." .

ولكن يبدو أن اليمينيين الذين يحكمون أمريكا حاليا يحتاجون إلى فيتنام أخرى ليتعلموا الدرس مرّة أخرى ، وهذا ما ظهرت بوادره في حروبهم التي أعلنوها بنشوة ، وسخّروا مؤسساتهم البحثية في مجاراتها مهما كانت النتائج ، وقد صرخ الأمريكان أنفسهم : لقد تحول العراق إلى فيتنام جديدة !!

1) ودخولاً في المراد : يُعدّ استبعاد البعد الديني - في الدراسة المستقبلية لعالمنا العربي والإسلامي ، مظهراً من مظاهر الدراسات الاستشراقية الحديثة أو ما يُعبّر عنه بمدرسة المستشرقين الجدد ، وقد أنصتُّ ليلةً لمحاضرةٍ كاملة من أحد هؤلاء المستشرقين ، صرّح في بدايتها بأنَّه استبعد ( البعد الديني ) من دراسته لما يعرف بالإسلام السياسي ؟! وهو موضوع محاضرته ؛ فأي موضوعية يمكن أن يقنعنا بها هذا المستشرق ! وقد بيّنت له في مداخلتي عليه ، بأن تصريحه إفصاح عن خطأ منهجي ، كشف لنا فيما بعد سرّ امتلاء محاضرته بالخلط والخبط ! الذي كان محلّ تندّر الحضور بعد ذلك ، وتتالت عليه المداخلات من عددٍ من الإخوة والأخوات تنتقد هذا الاستبعاد المستهجن للبعد الديني في دراسة الموضوعات والظواهر الإسلامية .

ويبدو أن (الرانديين) ، لا يوافقون المستشرقين الجدد في نظرتهم هذه ، ولاسيما أنهم يخدمون ما يُعرف بالمحافظين الجدد .. ولكنَّهم فكّروا وقدّروا ، مستبطنين رؤية صمويل هنتجتون في صدام الحضارات ! وأظنّ تقارير راند الأخيرة تشهد لما أقول ، فإنَّها حملت على عاتقها محاولة إبعاد الدين لا استبعاد البعد الديني .. ويكفينا لتبيّن خطورة تقاريرها التي تتبنى هذه السياسة ما نعلمه من أنها إحدى المؤسسات المعنية بالدراسات المستقبلية والخطط الاستراتيجية الأمريكية ، ومع أنَّ مقرها في الولايات المتحدة الأمريكية ، إلا أنَّ لها مكتبا فاعلاً في دولة عربية مجاورة.

ويتجلى خطرها أكثر وأكثر في استهداف تقريرها السابق تغيير الإسلام ذاته ، إذ كان عنوان ذلك التقرير : (الإسلام الديمقراطي المدني : الشركاء والمصادر والاستراتيجياّت)، وقالت المشرفة على التقرير شاريل بينارد ( Cheryl Benard زوجة خليل زلماي) ! مُلمِحَة إلى صعوبة المهمّة : "إنَّ تحويل ديانة عَالَم بكامله ليس بالأمر السهل . إذا كانت عملية بناء أمّة مهمّة خطيرة ، فإنَّ بناء الدِّين مسألة أكثر خطورة وتعقيداً منها "

2) وعوداً على بدء ، فإنَّ من المهم في علم الدراسات المستقبلية : الاهتمام بالمعلومة المؤثِّرة ، حتى كان من قواعد هذا العلم قول بعض المختصين : (اصدقني في المعلومة أصدقك في التنبؤ) .

ولمَّا كانت معلومات راند حديث نفس عدائي في حرف مكتوب ، صادر ممن يعلن عداوتنا ، ويكشف سوء رؤيته لنا ، فينبغي أن نقرأ التقرير قراءة استشرافية جادة، لا تَغفل عن المنطلق الأيديلوجي والبعد الثقافي والإسقاط التاريخي الذي ينتهجه الرانديون في وضع استراتيجيتهم ضدنا . وبالعودة لتقرير راند السابق (الإسلام الديمقراطي المدني) نجد الآلية الأخطر لتحقيق مرامي التقرير مُعلنة في العنوان كما نجد تفاصيلها في صفحاته ؛ وفي مقابلة أجراها معها موقع Muslim Wakeup أكَّدت شاريل بينارد ذاتها : ضرورة دعم الحداثيين والمفكرين الذين يخدمون أهداف التقرير ومشاركتهم مشاركة فعالة، وذكرت أن هذا الدعم لا يلزم أن يكون علنياً وعلى الملأ! وحتى لو أدى هذا الدعم إلى اتهامهم بالعمالة للغرب فلا بأس؛ لأنهم مصنفين من قبل الأصوليين كأدوات للغرب على أية حال؛ لذلك فإنَّ دعمهم - على الأقل - يجعل ميدان الصراع بين الفريقين متوازنا نوعاً ما!

وإذا كان هذا قول شيريل فليصدقوها أو ليكذبوها!

3) وفي التقرير الأخير (بناء شبكات إسلامية معتدلة) جاء التصريح بإسقاط مرحلة تاريخية قريبة على فكرته التصادمية مع الإسلام وأمة الإسلام كدرس من دروس الحرب الباردة ، بغية إقناع أصحاب القرار برؤيته عبر التذكير بنشوة آثار تلك الحرب ضد السوفييت ، منضما بذلك إلى من يعتبرون الإسلام العدو الجديد ، وهو ما لم يكتف التقرير بالإشارة إليه بوصفه دينا يحول دون الرضوخ للأمركة ، والقبول بالدمقرطة المغرية بزخرف القول ، دون وضعها في ميزان عدله - فحسب ، وإنَّما صرّح به في ثناياه .

وهذا ما صار أمراً مكشوفا يُعلنه المفكّرون الغربيون الأحرار من التبعية للمحافظين الجدد ، وللسياسة الخارجية الأمريكية ، وهذا ما أكَّده Michel Bugnon -Mordont في كتابه (أمريكا المستبدة) إذ يقول : "أدركت الولايات المتحدة أن التنوع السياسي والجغرافي والتاريخي في العادات والتقاليد والمعتقدات والقوانين والثقافات يشكل حواجز و روادع إنسانية وأخلاقية أمام انتشارها فكان لابد من وضع خطط تفرض الرأي الواحد وتمحو هوية الآخرين" ، وأكتفي بإيراد هذا النص ، الذي يكشف لنا بعض خلفيات وضع الخطط الاستراتيجية للسياسة الأمريكية ، التي تُعد مؤسسة (راند) من أهم جهات تنظيرها إن لم تكن الأهم .

4) ما أحب التركيز عليه في قراءة التقرير قراءة استشرافية ، هو : لب الفكرة الراندية المتمثلة في وضع استرتيجية لتبديل الدين وتغيير أحكام شريعة رب العالمين .

ولمَّا كان القوم لهم تجربة ناجحة في تبديل دينهم المحرّف ، فإنَّ من عبر التاريخ أنّ نضع خلفيتهم تلك أمام أعيننا ونحن نقرأ أفكارهم . ذلك أن علم الاستشراف يقوم على منهجيات تعتمد أمورا منها : وضع المشاهد المستقبلية (السيناريوهات) في ضوء أنماط المشاهد الماضية ، وبتعبير آخر : الإفادة من التجارب الناجحة في الماضي في وضع الاستراتيجيات للمستقبل .

والتجربة الخطيرة التي لا أظنها تغيب عن المنظرين الغربيين من الليبراليين على وجه الخصوص ، هي تلك الوثيقة الكنسية أو (المدونة البابوية) التي وضعتها الكنيسة الغربية لها ولأتباعها متخلية بها عن ثوابتها ، وما كانت تقضي به لنفسها من حقوق وما تضعه من واجبات ، لتحظر عليهم ما كان واجبا في ديانتها ، وتحجِّر عليهم ما كان واسعا في نظرها ، وتمنح فيه خصومها من اللادينيين مكاسب هائلة تتمثل في تخليها لهم عن الشؤون السياسية والعلمية وحتى الدينية تحت مسمى ( المدنية ) .

وبغض النظر عن كيفية وقوع هذه التنازلات ، إلا أنها وقعت ! سواء كان ذلك نتيجة اختراق المجالس الكنسية من غير المتدينين بدينها ، أو كان نتيجة ضغوط هائلة تمثلت في أكوام من الاتهامات الخطيرة حول ظلمها وجورها وفسادها وضعتها في موقف الدفاع الذي أدى إلى تخريب بيتها بيدها فانهارت مبادؤها التي كانت ترتسمها على مرّ حقبها التاريخية بجرة أقلام القساوسة والكهنة .

وأمَّا رؤى المشهد المستقبلي لهذا النموذج التاريخي في تحقيق الأماني الراندية ، فهو ما سيكون مدار الحلقة الثانية من هذا الموضوع إن شاء الله تعالى .
Ghassan
Ghassan
عضو رهيب
عضو رهيب

عدد المساهمات : 402
العمر : 76
نقاط : 243
الموقع : www.danialv.jeeran.com
تاريخ التسجيل : 05/08/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى